الإدارة والقــيـــادة

خلق الله الإنسان الكائن الحي العاقل وجعله خليفة في الأرض يعمرها وينظم الحياة فيها، بين مختلف المخلوقات، فطوع الطبيعة لصالحه، واخذ بناصية العلم وسخره لخدمة أهداف التنمية البشرية الفردية والجماعية، فتعايشت أمم وشعوب وانتظمت في علاقات ثقافية واقتصادية

وسياسية واجتماعية.
ونتيجة لهدا التكليف، قام الإنسان بتطوير أساليب ومناهج إدارة وقيادة المجتمعات فكانت هي أساس التقدم والنمو والإزدهار في مختلف ميادين الحياة. وعلى الرغم من اختلاف الباحثين حول تحديد وظائف الإدارة إلا أنها تعتمد على أربعة محاور أساسية هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وهذه المحاور ليست منفصلة و إنما هي حلقات متصلة، ويعتبر التوجيه أهمها، ويعود دلك إلى أن الإدارة هي بالأساس عملية تنسيق جهود الأفراد والجماعات من أجل الوصول إلى إنجاز الأعمال المطلوبة لتحقيق الأهداف المنشودة.
ويعتمد التوجيه على ثلاثة ركائز أساسية هي: القيادة والتحفيز والاتصالات وتعتبر القيادة هي الركيزة الأساسية لنجاح عملية التوجيه.
وقد ذهب كثير من رجال الفكر الإداري إلى القول إن القيادة هي جوهر العملية الإدارية وقلبها النابض ومفتاحها وهي التي تجعلها أكثر ديناميكية وفعالية، وبالتالي تعمل كأداة محركة لها سبيلا لتحقيق الأهداف المرسومة. ومن هذا المنطق تتجلى ضرورة معرفة مفهوم الإدارة وتعريف القيادة وأنواعها ثم تحديد الفرق بين المدير والقائد.
1.الإدارة: هي لغة تعني التدبير واللباقة في معالجة الأمور، وفي الاصطلاح تستخدم في مجالات عديدة كإدارة الأعمال وإدارة المستشفيات وإدارة المدارس مما جعل من الصعب وجود تعريف واحد أو شامل لها، ومع دلك فهناك بعض المفاهيم الأكثر استخداما أهمها:
- الإدارة هي كل الأنشطة التي تعنى بتوجيه الجهود البشرية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف وفق أساليب تشبع الغايات المحددة بالكفاءة والفعالية المرجوة.
- كما يعرفها البعض بأنها هي تنسيق الموارد البشرية والمادية من أجل تحقيق أهداف المنظمة -الهيكل الذي تمارس الإدارة في إطاره-.
- تعريف آخر يعرفها بأنها هي عملية يقوم بواسطتها المديرون بإنشاء وتوجيه وتسيير والمحافظة على المنظمات عن طريق جهود الأفراد المنسقة والمنظمة والمتعاونة.
من التعاريف السابقة يتضح أن الإدارة بمعناها الواسع، هي الوصول إلى الهدف باستخدام الوسائل والطرق في استغلال الموارد البشرية والمادية الموجودة -المال، الوقت، المعلومات، الأدوات والمعدات... -
2القيادة: لغة يقول ابن منظور القوْدُ نقيض السَوْقٌ الذي يتم من الخلف واصطلاحا هناك عدة تعريفات للقيادة نذكر منها:
- كما يعرفها "القريوتي" بأنها قدرة تأثير شخص ما على الآخرين حيث يجعلهم يقبلون قيادته طواعية ودونما إلزام قانوني، وذلك لاعترافهم التلقائي بقيمة القائد في تحقيق أهدافها وكونه معبرا عن آمالهم وطموحاتهم مما يتيح له القدرة على قيادتهم الجماعية بالشكل الذي يريده.
مما سبق يظهر أن القيادة هي فن التأثير في الآخرين وتوجيههم بطريقة صحيحة يكسب معها طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم في سبيل تحقيق هدف مشترك.
3أنواع القيادة:
- القيادة في الإسلام: قال تعالى "إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" وقال عليه الصلاة والسلام "كلكم راع ومسئول عن رعيته" وضعت هده النصوص دستور للقيادة وحددت الصفات الأساسية للقائد وهي : ـ سعة العلم والاطلاع ـ سلامة الجسم وقوته ـ الأمانة ـ الحزم وعدم التردد ـ الحكمة ـ العدل ـ أسلوب الإقناع وليس فرض الرأي ـ لين الجانب للمرؤوسين ومشاورتهم والرأفة بهم وعدم التكبر عليهم ومراعاة ظروفهم والتعرف على مشاكلهم ومساعدتهم في حلها، فضلا عن القوة الشاملة والمتمثلة في العزيمة، الشجاعة، الإقدام، القدرة على تحمل المسئولية.
- القيادة الإدارية: هي تنسيق الإمكانات المادية والبشرية ذات الصلة بالنشاط الإداري من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة في إطار التنظيم الإداري المعتمد.
- القيادة العسكرية: هي فن التأثير، وتوجيه الرجال نحو الهدف بطريقة تكسب طاعتهم وثقتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم سبيلا لإحراز النصر في المعركة. والقيادة العسكرية تعتمد على: ـ السمات الشخصية للقائد، ـ وتطبيق أساليب القيادية المناسبة لطبيعة المهمة وتنقسم إلى نوعين: القيادة بالأوامر - استخدام السلطة والقوة( والقيادة بالإقناع - المهارة والتجرب-
4.الفرق بين القائد المدير:
لا يفرق بعض الناس بين كلمتي القائد والمدير معتقدين أنهما مترادفتين وتحملان نفس المعنى، لكن المفهوم الاصطلاحي للكلمتين يفيد عكس دلك، فليس كل مدير يصلح لأن يكون قائدا لكن كل قائد يمكنه أن يكون مديرا. ويعود جوهر الفرق بين الكلمتين إلى أن القائد لديه بعد نظر، يعمل بأسلوب الفريق، يبدع، يطور، يغير، يعتني بالجانب الإنساني، ويطرح دائما السؤال مادا؟ ولمادا؟ بينما المدير يعتمد على السلطة التي يخولها له القانون في تحقيق الأهداف المطلوبة منه، دون أن يولي الجانب الإنساني والاجتماعي أي اهتمام.

©2024 الحــرس الوطـنـي

Search